twitter



قررت في ايام الاختبارات أن أظل أمتحن حتى نهاية الوقت المحدد وكان وقت المقرر للاختبار ساعتان وليس من عادتي المكوث بالاختبار كثيرا فيكفيني تقريبا ساعة أو أقل منها ولكن هذة المرة أردت المكوث.

دخلنا الاختبار وعقولنا قد أكتملت من المعلومات المستوفية للمادة المقررة... جلست في مقعدي ولقد نصبت في عيني أن أظل لمدة ساعتان وأكون آخر ورقة تسلم للدكتور.

السؤال الأول تم الانتهاء منه ، السؤال الثاني تم الانتهاء منه، السؤال الثالث تم الانتهاء منه ، السؤال الرابع تم الانتهاء منه، وتتحرك الساعة شيئا فشيئا وقد انتهيت من الاختبار ومراجعة الورقة مراجعة مستوفية وكان الاختبار يميل إلى السهولة وهكذا انقضت الساعة وتوافدت الطالبات إلى الباب خروجا ، طالبة تلو الآخرة حتى استقر الامر إلى بعض العدد قد يصل إلى عشر طالبات وأنا منهن وقد قلبت بصري يمنه ويسره وقد مللت القعود في الكرسي ، ثم راجعت ما كتبته بالورقة وأظن أنني راجعته أكثر من عشر مرات من كثرت مكوثي هناك.

ويقل عدد الطالبات ليصل إلى أثنين وأنا ثالثهما وتمنيت من أن يكون الاختبار لهما سهلا لتقودهما اقدامهما إلى الباب وأكون بذلك أخر ورقة تسلم للدكتور فقط هذة الامنية.

عيناي تترقب الموقف لارى سكنات وحركات تلك الطالبتان .

سكن الهدؤء وليحركه صوت الدكتور وهو ينادي نصف ساعة.

ويا مصبر صبرنا .قررت أن اتنازل عن هذة الامنية لاقدم الورقة واترك عني هذا الغرور ... لكن لا لن استسلم فسوف اصبر واصمد حتى آخر ثانية.

نحن في نصف ساعة وانقضت وانا اراجع الورقة وفيني شي من الضحك لنفسي ،أيعقل أن أجلس لنهاية الوقت فقط لاسلم الورقة آخر طالبة .

وبقي من الوقت ربع ساعة وشعرت بشئ حرك هدؤءنا صوت كرسي يتحرك وتتدحرج هناك اقدام تلك الطالبة الثالثة لتسلم الورقة إلى الدكتور ، تخلصنا من واحدة وبقيت واحدة وأنا مازالت على قراري وعنادي الغريب والعجيب .

مللت القعود في الكرسي وقد مل مني هو الآخر ، اعاود الكرة وأحرك تلك الورقة وأقلبها وما فيها من أجابات ، واهتز الصوت مرة آخرى ليقول بقي خمس دقائق وتمنيت أن تكون خمس ثواني ويا ساعة دوري وتحركي فقد مللت الانتظار ويا طالبة انتشلي من مقعدك هذا.

دقيقة ، دقيقتان ، ثلاث دقائق وأنا أحرك بصري تجاة الطالبة وأدعي واتمني أن تتحرك وأن تحدث أي حركة لكن لا مجال ولا جدوى مازالت تصارع الورقة وما فيها من اسئلة .

ودقت ساعة الصفر لتعلن عن انتهاء الوقت ونادى الدكتور بصوته انتهى الوقت سلمنا الورقة .... وأنا انتظر منها أن تسلمها اولا ،لكن دون جدوى فهي الآخرى مصرة على تمسكها بالورقة.

واشتعلت فيني نار الملل ... ونادى الصوت مرة ثانية لتكون انذارا أخيرا .

أخيرا احسست بحركة بحركة افرحتني ،أخيرا انتصبت الطالبة بطولها حاملة تلك الورقة البيضاء المخططة بالاسود والابيض لتسلمها للدكتور ،حينها ارتسمت في وجهي إبتسامة الانتصار ، انتصرت اخيرا وها أنا أكون آخر ورقة سلمت للدكتور وأول ورقة سوف ينظر لها الدكتور وتصحح وآخر قدم طالبة خرج من القاعة الاختبارية

ارتسمت في وجهي إبتسامة الانتصار

وخرجت من القاعة وفيني من الضحك الكثير ..............


أشعر بـــــــــــــــــــــــــــــــــك
أشعر بك يا الغالي وأنت تصارع آلم الغربة هناك

أشعر بــــــــــــــــــك
وبلوعتك في تلك الدار دار الغربة

أشعر بـــــــــــــــــــك
وبآلمك وشوقك وحنينك وآنينك

أشعر بــــــــــــــــــك
وأنت تنتظر أتصال من الاهل ليطفى لهيب شوقك لهم واشتياقهم لك

أشعر بـــــــــــــــــك
وأنت تنتظر رسالة من غالي قد تظاهر بتجاهلك بالجفا والنسيان ولكن أنت دائما في باله وفكره وفي خيالاته

أشعر بـــــــــــــــــك
وبجوعك هناك وأنت تتمنى أن تآكل ما صنعت الوالدة الغالية وما طبخت من آناملها الحنونة

أشعر بـــــــــــــــك
وبجوعك وقد مللت من تلك الطلبيات من المطاعم التي كلها نفس الطعم وكلها لا تساوي لذة آنامل طبخ الوالدة العزيزة

أشعر بـــــــــــــك
ولقد اشتقت لذلك الدلع من الاب الحاني الذي ما زالت المدلل له مهما كبرت

أشعر بــــــــــــــك
وقد اشتقت إلى عبث الاطفال وسماع صراخهم وضحكاتهم ولعبهم وشقاوتهم المسلية

أشعر بــــــــــــــــك
وقد اعتدت على جلسات وسهرات الشباب وسمرهم ولهوهم وحماسهم وحديثهم ورحلاتهم

أشعر بــــــــــــــــــك
وقد حرمت نجوم خصب من رؤيتك ولقد تلهفت لك ولنظراتك ولطلتك عليها

أشعر بــــــــــــــــك
وقد اشتاقت عجلات سيارتك أن تطأ شوارع خصب الغالية

أشعر بــــــــــــــك
أشعر بك وآتالم كما تتآلم أشعر بك كما أنني أنا تلك الروح التي تشعر وتتآلم


وسط الجبال الشامخات ،وسط تلك الارض المسطحة التى ترتفع تارة وتنخفض تارة آخرى تلك الارض التي تخلوها علامات أوسمات التطور والتحضر وسط المراعي التي تخضر فترة من الوقت ثم ماأن تلبث لتعود إلى جفافها وسط الشهامة والنخوة وسط الكرامة والكرم والطيب وسط الهدؤء الرقيق ،تحكي هناك قصة من تلك القصص العريقة التى تسمى بأصالة البدو. أصبحنا وأصبح الملك لله والحمدلله على الفجر نصحى على الله أكبر وركعتين وقرآن مشهود فيها تقسم الارزاق ،نصحى على رائحة الخبز المحترق بلفحة من النار في تلك الحفرة الدائرية أو برائحة الخبز المحمر بالزيت أوبآي نوع آخر من ذلك الخبز أو بآي طبخة من تلك الطبخات الشهية ، نصحى مع النشاط وقد تطاير عنك كل الكسل ، نصحى على إبتسامة الوالدين وحديثهما وضحكاتهما منذ الصباح أو بصراخ تلك الحفيدة الصغيرة التي تزعج الصباح بصراخها أو أحيانا تغازله بإبتسامتها البريئة ،نصحى وفي عيوننا أمل جديد مشرق وماأن تستيقظ الشمس بالنهوض ألا والبهائم قد سلكت رحلتها اليومية في تلك الجبال سارحة في أرض خالقها وياريها ولا يتكحل الصباح إلا بقهوة الصباح بالنساء الذين يزرن بيتنا كل صباح مع سوالفهم المتواضعة وبالعطور والبخور تنتهي الزيارة لينتقلنا إلى البيت التالي ويستقيم الوقت ليأخذنا إلى العصر حيث روعة جمال الجو هناك تندمج الالوان مع بعضها وتتلاطم التعابير في جوها المنعش الهادئ النظيف لتأخذك في نزهة قصيرة مع جمال الطبيعة الصافية.
وما أن تكون هناك إجازة إلا تسابقت أقدامنا لتأخذنا إلى المول لكن مول البدو غير!مولنا غير! ليس كمول صنع بالاسمنت والطابوق والسراميك والرخام أنما بنى من الحجارة والطين ورصت حجارتة بأصابع بانيها ومولنا ليس كمول الذي تنيره المصابيح البيضاء والصفراء والملونة الجذابة بأنواعها المبهرة إنما تنوره سراج قديم بنوره الاصفر المشع المطمئن والمسر للنظر ،مولنا ليس ممن يزوره الاجانب والجنسيات الاخرى المختلفة وليس ممن يستقطب السياح له إنما هي القبور التي احتضنت فيها بعد أن سكنوا المكان ، مولنا ليس كمول الذي تباع فيه الماركات والمتاجر العالمية وتلك الاغراض والملابس الفاتنة والجذابة وتلك المطاعم الشهية التى لا تنتهي والتى تحضن كل ما طاب لك ولذ إنما فيه تلك البساطة التى تخلو فيه حتى بقالة صغيرة ويطهى الطعام من جمع من الحطب مع غزل من كبريت ينضج الطعام ويصبح من آلذ الماكولات وأطيبها مع لمسات اصابع رائحة النار فيها تجعل اللذه أشهى وأشهى وليس مولنا كمول الذى تتواجد فيه الالعاب بحجمها الكبيرة والصغيرة والخطيرة إنما فيها الصخور التي ترتفع في مكان وتنخفض في مكان وتزينها بعض الشجيرات الصغيرة الخضراء هنا وهناك لكن لا تظهر تلك الشجيرات إلا بالشتاء حيث يكون الجمال قد اكتمل واتضحت صورته وملامحه ،مولنا بيت ابيض كبياض قلوب ساكنيها البيضاء الصافية ،هناك يتربع في سفوح الجبال وفي ذراعه اليمين بئر من الماء النظيف الذي له طعم خاص وله ميزة خاصة ،ويصرخ هناك البحر بزرقته الهادئة ،وغرفة تبعث فيك الراحة بسراجه اللتى تنبعث منه رائحة الزيت الذي يغذيها وحتى رائحة الزيت فيها الدفء .
هذا هو مولنا مول البدو النقي من شوائب ومخلفات التطور والتحضر الذي اجتاح العالم ،فلست ضد التطور ولكن نريد أن نحس بقيمة الماضي ونعيد سطوة مجده .
وما أن تحتضنك الديار إلا تنسى الدنيا وما فيها من هموم ومتاعب واشغال وما فيها الدراسة والامتحانات والبحوث ،تعيش فترة نقاهة طبيعية وتستيقظ في صباحها برائحة النسيم النقي والمنعش وبزقزقات تلك العصافير المرحبة بك.
وما أجملها من ديار كيف لا ورائحة اجدادي فيها وقد بناها يد غالي فمتى يأتي ذلك الموعد لأكون في احضانه اتربع في ربوع ذلك المول الفريد من نوعه
فهل بعد هذا المول مولا
لا أظن ذلك....